الثلاثاء، 5 يونيو 2012

البروباغاندا

وهي كلمة ذات أصول لاتينية وتعني ( مجمع نشر الإيمان ) ويرتبط ظهورها بالعام 1622 عندما قام البابا غريغوري الخامس عشر بتأسيس هذا المجمع من أجل نشر الدين المسيحي والتبشير به .
وهي تعني نشر المعلومات وتوجيه مجموعة مركزة من الرسائل بهدف التأثير على آراء أو سلوك أكبر عدد من الأشخاص ، وهي مضادة للموضوعية في تقديم المعلومات بهدف التأثير على المتلقي المستهدف ، وتعتمد على إعطاء معلومات ناقصة للتأثير بالأشخاص عاطفيا ًعوضا ً عن استخدام العقلانية وذلك خدمة لأجندات سياسية في وقت معين وزمان محدد ولا تعتمد على إعطاء أي دليل ذاتي أو أرضية منطقية للقبول  .
فهي سياسيا ً تعني الترويج واقتصاديا ً تعني الدعاية بينما تستخدم دينيا ً تحت مصطلح التبشير ، والمعنى الحالي للكلمة نشأ في زمن الحرب العالمية الأولى حيث أصبحت مرتبطة بالسياسة آنذاك .

إلا أن الأصول التاريخية للبروباغاندا تعود إلى قصص العهد القديم وتعاليمه التي يمكن أن تفسر كنصوص دعائية ، فهي تقدم التبريرات وتمنح الشرعيات لأي فعل عدواني ضد المخالفين في الرأي أو العقيدة أو القومية وكل ذلك باســـــــــــم ( الإرادة الإلهية ) لكنها انحصرت في العصر الإغريقي من خلال خلق ( صورة للعدو ) لتوحيد الصف الشعبي ومنح الشرعية للحروب وتبرير الأطماع بإقامة الإمبراطوريات على حساب حاجات الشعب وضروراته وكانت البروباغاندا الوسيلة الأساسية في الصراع السياسي زمن الثورة الفرنسية وفيما بعد في الحرب العالمية الأولى عندما استخدمتها بريطانيا لتحريض الشعب ضد الألمان من خلال إحداث وزارة الدعايــــة ، كما أن الشيوعية لم تفرق بينها وبين التحريض في مهاجمة البرجوازية ونشر الأفكار الاشتراكية .
وهي تبني ثباتها باعتمادها على المسلمة القائلة : ( بأن الجميع يعرف الفيل من الجانب الذي يراه ) مع العلم أننا من المستحيل أن نحيط بالفيل من جميع جوانبه وتطبق كثيرا ً من أبحاث علم النفس لتؤسس لنفسها أرضية صلبة بغض النظر عن هشاشة موقفها وأهدافها وتقوم باعتماد ما يلي :
تسمية الأشياء بغير مسمياتها ( لفظة المسلح و الإرهابي بدلا من الثائر)
إطلاق الشعارات والحملات ( بصمة شباب سوريا – حملة منحبك ).
الاعتماد على الأرقام و الإحصائيات (تزوير نسبة المشاركة في الاستفتاءات ) .
الاستفادة من الشخصيات اللامعة ( نجوم الفن ) .
عدم التعرض للأفكار السائدة ( الدينية أو الأعراف الاجتماعية، تراجع النظام منذ الاسبوع الاول للثورة عن قرارات اتخذها بحق المنقبات في الجامعات ) .
التظاهر بمنح الحوار والتعبير عن الرأي لجميع الاتجاهات ( خلق معارضين من بنية النظام، كقدري جميل  ) .
إثارة الغرائز بدلا من إشباعها كالغرائز الدينية والطائفيــــة  .
وتتجلى البروباغاندا اليوم بشكل جديد أكثر إثارة من ذي قبل تحت مصطلح ( الحرب العالمية الثالثة ) وتعتمد على استخدام التكنولوجيا  كالصحف الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي لتكون بديلا ً عن حرب الصواريخ والطائرات وقد أثبتت فعاليتها خصوصا ً بعد إسقاط بعض الأنظمة العربية من خلال التأثير الفردي والجماعي ، واعتمادها على مجموعة من القوانين الدقيقة والصارمة من أجل ألا تفقد بريقها في عصر التكنولوجيا ولها أنواع متعددة فمنها :
1- البيضاء: التي تظهر آراء وقناعات الدعائي ومصدرها معروف و أهدافها محددة والجمهور مدرك لمحاولة التأثير به .
2- السوداء : التي تميل إلى إخفاء أهدافها وهويتها ومصدرها والناس لا يشعرون بمحاولة التأثير بهم ، وقناة الدنيا مثال واضح وصارخ .
3- الرمادية : وهي تخفي ضمن خطابها المعلن أمورا ً أخرى غير معلنة وتعمل على احتكار وسائل الإعلام وتوجيهها من خلال استغلال المعتقدات السائدة والاتجاهات الراسخة وأنماط السلوك كقناة روسيا اليوم.
ولعل أبرز الأمثلة التي نستطيع ذكرها في استخدامات البروباغاندا الحالية هو مثال حزب الله الذي لازال يردد دوما ً بقدراته واستطاعته الوصول إلى ما بعد حيفا بالإضافة إلى امتلاكه صواريخ قادرة على إصابة أهداف في تل أبيب  .
والحكومة السورية التي احتفظت بحق الرد عندما اقدمت اسرائيل على التحليق فوق الاراضي السورية وخرق سيادتها وصولا ً إلى دير الزور حيث قامت بضرب أهداف في المنطقة ، والأمثلة كثيرة في هذا الصدد وتتمثل أيضا ً بالاشاعات الكاذبة التي طالت عدد من المسؤولين الأمنيين في المحافظة كنبأ مقتل أبو جاسم ( مساعد في الأمن العسكري ) وانشقاق مصعب أبو ركبة أحد ضباط الأمن الجنائي ، والهدف من هذه الاشاعات ضرب مصداقية الثورة والتأثير على نفسية الشعب من خلال ظهورهم في اليوم التالي أما على الأرض بين المتظاهرين أو نفي الخبر عبر القنوات الموالية للنظام . 

فالبروباغاندا السياسية  هي العنصر الهام في أدوات النظم الاستبدادية الديكتاتورية والتي تستخدم في البلاد التي تعاني من الصراعات السياسية والدينية وعقد الزعامة الأبدية.

*حلا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق