الخميس، 31 مايو 2012

العيادة الطبيــة – إسعاف مصاب بطلـق ناري

   


*قم بإبعاد المصاب عن مرمى النيران .
*على المصاب أن يبقى ثابتاً قدر الإمكان كي لا تتضاعف الإصابة.

*
ليكن الرأس ممدداً على نفس مستوى بقية الجسم، إلا إن كانت الإصابة في الرأس أو العنق.

*
تحدث مع المصاب واسأله لترى إن كان واعياً أم لا، فإن لم يستجب حاول إيقاظه.

*
إن لم يفق، فتأكد من أنه يتنفس وذلك عبر فتح فمه ووضع إذنك فوق فتحة فمه لسماع أي صوت للتنفس أو اصطدام للهواء الخارج من الفم بأذنك، وفي نفس الوقت حدق في صدره لمشاهدة أي انخفاض أو ارتفاع للصدر.

*
إن لم يكن المصاب يتنفس فيُفضَّل أن يقوم شخص بعمل التنفس الاصطناعي ويقوم آخر في نفس الوقت بالتعامل مع الجرح. تأكد أيضاً من وجود النبض وذلك عبر الضغط برأس إصبعيك السبابة والوسطى على الرسغ في جهة الإبهام، أو على جانب الرقبة جوار الحنجرة، فإن لم تجد نبضاً فعليك أن تقوم بالتنفس الاصطناعي وفي ذات الوقت يتولى شخص آخر إيقاف النزيف من الجرح.

*
إن كان المصاب يتنفس ولكن غائب عن الوعي، قم بفتح فمه وتأكد أن اللسان لا يعيق التنفس، فإن كان يعيق التنفس فإن إدارة الرأس إلى اليمين أو اليسار تحل المشكلة. قم كذلك بتعديل وضعية رأسه بحيث تصبح ذقنه مرفوعة للأعلى؛ هذا يفتح مجرى التنفس بأفضل شكل.
* قم بالضغط بشكل قوي على مكان الإصابة بقطعة قماش أو حتى باليد لإيقاف النزيف أو إبطائه. يجب أن يستمر هذا الضغط لمدة عشرة دقائق على الأقل كي يتمكن الدم من التخثر فيتوقف النزيف. بإمكانك خلع قميصك الداخلي ومن ثم طيه لتستخدمه للضغط على الجرح. الشاش أو المنشفة هما الخيار الأفضل في حالة توفرهما.
*
إذا امتلأت الضمادة بالدماء، لا تقم أبداً باستبدالها، بل قم بوضع الضمادة الجديدة عليها؛ فإزالة الضمادة ستؤدي إلى إزالة ما تشكل من تخثرات للدم على الجرح.

*
إن كان الثلج متوفراً، قم بوضع ثلج في كيس ومن ثم وضع الكيس على الجرح؛ هذا يساعد على إغلاق الشرايين المتضررة.
*
بعد أن يتوقف النزيف، قم بلف الجرح بالشاش أو بقطعة قماش. بإمكانك أن تشق قميصك من قبته إلى منتصف أسفله وبالتالي تصبح لديك قطعة قماش عريضة ومن ثم بإمكانك بعد طيها أن تلفها حول الجرح بإحكام. لا تركز جميع اللفات على موضع الجرح، فليشمل بعض اللف يمين ويسار مكان الإصابة.
*
إن كانت الإصابة في الذراع أو الرجل، فيجب رفع الطرف المصاب فوق مستوى القلب؛ فمثلاً لو كانت الإصابة في الرجل فعلى المصاب وهو مستلقي أن يرفع رجله ويسندها على الجدار أو وسادة أو أي شيء آخر، مما يقلل من تدفق الدم إلى الرجل فيقل النزيف.
* إن كانت الإصابة في الرأس أو الوجه أو العنق، فإن الاستلقاء يزيد من النزيف، يجب أن يكون المصاب في وضعية الجلوس أو الوقوف.
*
إن كانت الإصابة في العنق فكن حذراً ألا يؤثر ضغطك على الجرح على التنفس أو على تدفق الدم إلى الرأس عبر الشريانين الموجودين في طرفي الرقبة.
*
إن كانت الإصابة في الصدر، استخدم قطعة مصمتة خالية من الفجوات مثل البلاستيك أو الكيس. قم بقص القطعة على شكل مربع، ثم ضع القطعة على الجرح، و باستخدام شريط لاصق قم بلصق ثلاثة جوانب متجاورة للقطعة على الجلد بحيث يتم ترك جزء من أجزاء القطعة الأربعة دون لصق ليتم السماح بمرور الهواء الخارج من الجرح أثناء الزفير.

*
لا تقدم أي طعام أو شراب للمصاب حتى الماء  .

الاثنين، 28 مايو 2012

إلى كل من لا يستحقون أن يكونوا / العربي


إن القهر والعبودية التي تأكل الناس كوحش لا يشبع أبدا ً، هي التي دفعت النخبة إلى التحذير من السجون و التبشير بالحرية ، وذلك من خلال نصوص و أعمال قادرة على خلق إنسان قادر على التحدي والمقاومة ، هذا هو دورهم الطبيعي والمفترض الذي يطالبهم التاريخ  والناس به،  ومنهم الشعراء .
أما أنت يا من لازلت هائما ً في طيات القواميس باحثا ً عن مفردات منمقة لقصائدك التي لا تحتوي كلمات مثل ( شعب – كرامة – عدالة – انتماء – حرية ... الخ ) ، هل نسيت أن قرّاءك هم الناس وليسوا أصحاب المناصب الرفيعة ، قمْ كيف تستطيع ألاّ تبكي وموسيقاك الليلية و النهارية هي صوت ألم الناس ، ماذا ستقول للتاريخ حين يسألك : لمن كان انحيازك للظالم أم للمظلوم ؟
ماذا ستقول للدماء التي نزفت من اجل أن تأخذ حقك في حرية التعبير والكتابة .
لم تعد المسألة الآن أن تكون مع النظام أو ضده ، لكنها أصبحت وبكل موضوعية أم تكون مع القتل والسلب و القمع والاستبداد و العبودية والديكتاتورية و الظلم والطغيان أو أن تكون مع الحرية والعدالة و المساواة والكرامة وإنسانية الإنسان ، فرأس مال الشاعر هو انتماؤه لشعبه ، فإذا فقده أفقده الجمهور صفة شاعر ويصبح أكثر شراكة للقاتل في القتل .

هذه الروح التي لم تستشعر أنين المعذبين لن تفهم معنى الحياة أبداً ، وهذه اليد التي تصفق للمجرمين لن تعرف كيف تمسك القلم لتكتب شيئا ً يستحق القراءة . 

السبت، 26 مايو 2012

وطني / نور الحريــّة

ترّخت يا وطني للأمجاد أمجادا
ورفعت رأس الأحفاد والأحفادا
تراخينا طوال أعوام و أعواما
ناديت يا وطني .. ناديت فلبيناك

والآن ... الآن ...
كسرنا القيود و الاصناما
ونفضنا عن كتفنا غبار ذلتنا
وأعدنا للمجد عزيمته
وصنعنا من همتنا أسوارا
وضحينا بدماء ابناءاً
كانوا في الحياة أزهارا
وعلو في سماء ظلمتنا
قناديلا ً  ونجوما ً و أقمارا
وعداً منـّـا يا شهداء ثورتنا
أن نكمل الدرب و نكون مشاعلاً
ثواراً .. أحرارا ً .. لا نهاب ظلمتهم
ونحفر للخونة قبول الذل ّ و العارا 

الخميس، 24 مايو 2012

أيها الجلاد / زياد الشاعر


أيها الجلاد ..
أيها الجلاد ..
يا من تعذبُ حتى تعيشْ
يا من تعيشُ حتى تعذبْ
ولا تعذبُ في إلا نفسكَ
انظرْ إلى مرآتك في ما تبقى من جلدي
وتذكر أنـّـا التقينا ذات مرة عند
الياسمينة تحت المطرْ..
كنا اثنين على طريق واحد
والآن نحن واحدٌ على طريقين اثنينْ..


أيها الجلاد ..
يا عدو الذي لا عدو له
يا من تسيرُ في ليل طويل
خذْ ما شئتَ من جسدي
من حلمي ومن أملي
خذ ما شئت مني
ولكن دعني أنظرُ في عينيك
قبل أن تنهي عذابنا
فإنني لا أريد منك شيئاً
أريد فقط...
أريد فقط أن أرديكَ قتيلا.

الأربعاء، 23 مايو 2012

مادة 728 - مرسوم تشريعي رقم (148) لعام 1949 - قانون العقوبات



1 - من أقدم قصدا ً غير مضطر على قتل حيوان جر أو حمل أو ركوب أو مواشي
من مختلف الأنواع تخص غيره يعاقب: بالحبس التكديري إذا وقع الجرم في ما
هو جار ٍ على ملك الفاعل أو بإجارته أو حيازته بأية صفة كانت من الأراضي أو
الإسطبلات أو الحظائر أو الأبنية وما يتبعها.وبالحبس حتى ستة أشهر إذا وقع الجرم
في مكان جار على ملك صاحب الحيوان أو بإجارته أو حيازته بأية صفة كانت.
وبالحبس من خمسة عشر يوما ً إلى شهرين إذا ارتكب الجرم في أي مكان آخر.

2- وإذا قتل بالتسميم احد الحيوانات المذكورة أعلاه كانت العقوبة في كل حال الحبس من ثلاثة اشهر الى سنة

الثلاثاء، 22 مايو 2012

أغنية ٌ لمن يشغلون الهامش - ثورة حياة


للقصة السورية، ككل قصص الشعوب الثائرة، رموزها وقادتها، شخوصٌ يشغلون متن الحكاية، وآخرون يكتفون بالهامش، لا لشيء سوى لأن هؤلاء الآخرين غير معنيين سوى بتجسيد قناعاتهم واقعاً ملموساً، عليه أن يتحقق وفق وجهة نظرهم.
بينما التدقيق في الحدث السوري – وكل حدث مشابه -  يجعلنا ندرك أن من يصنع تفاصيل الحكاية  هم أولئك القابعين في هامشها، مؤمنين بأن التصنيف الدارج لا يقلل من شأنهم ولا يخفض من قيمة فعلهم النضالي .
للمرأة في هذه المعادلة، الحصة الأوفر، لا لكونها تشغل المساحة الأكبر في الهامش المقترح ، وإنما لأن من طبيعتها أنها كائن يعمل بلا ضجيج ..
النساء المعنيات في هذا النقاش ، لسن "منتهى الأطرش" أو "سمر يزبك" ، ولا " فداء الحوراني" أو "رزان زيتونة"، ولا حتى "فدوى سليمان".. إلخ، على أهمية النساء المذكورات هنا،  بل يجري الحديث عن نساء مغمورات ليس لأسمائهن بريق النجومية ، وهن من لا يهتم بهنّ الإعلام عادة ، النساء المعنيات هنا هـنّ أولئك النساء اللواتي يؤدي غيابهن عن ساحة النضال إلى خلل عميق يصيب مكونات الحدث.
فقبل أن نرى العلم مرفوعاً في إحدى المظاهرات ، اعلموا جيداً أن هناك يد أنثوية (قد لا تخلو من قليلٍ من التجاعيد) ساهمت في حياكته ونسج تفاصيل  ، هيئته بعناية الخبير، كي يخرج إلى الشارع مرفوعاً على القبضات الهادرة ، وقبل أن تروا لافتةً مكتوبةً بخط أنيق ، فاعلموا أيضاً أن هناك في الظل من عمل عليها ساعات طوال، وهيئها لزفاف الشارع المنتفض.
الإعلام بشكل عام غير معني بتسليط الضوء خارج حدود الحدث المتصاعد " المتظاهرين في الشارع " ، بينما من عمل على توفير الشرط اللازم لهذه المظاهرات، فالكاميرا ليست معنية بتسليط عدستها عليه.
يسقط الشهيد، يوثق اسمه ، وتفاصيل استشهاده ، يزف بعراضة تجعل المراقب يشعر بالحسد حيال عرس لبطل تلفه الأهازيج، مرة أخرى تكون الكاميرا غير معنية بتسليط الضوء على الفراغ الذي خلفه الشهيد خلفه (لا تصدّقوا زغاريد
أمي.. صدقوا دمعةَ أبي ( ،  يترك الشهيد خلفه أمّاً ثكلى، وزوجةً ترمّلت على غفلة من الوقت، (منذ قليل يا حبيبي كنا معاً نحتسي الشاي.. منذ قليل كان يحدثني أنه سيصلح محرك المياه المتوقف من قلة المياه.. منذ قليل تلاشى حتى الوجع (.
والطفل الصغير المعتاد على رائحة والده الذكورية يتساءل: أين الجميع؟
كل هؤلاء الشخوص المكونين لتفاصيل المشهد، تزيحهم كاميرا الإعلام إلى هامش يتحول بفعل انقلاب الموازين إلى مركز ٍ للحدث.
ويبقى السؤال: ماذا نقول عن كل هؤلاء الشخوص المكونين للحدث؟
يصح ما سقناه آنفاً على المعتقل أيضاً وعلى الجريح والمتخفّي.. وعمّن حمل السلاح وتلحّف الجبال.. إلخ، فكل هؤلاء هم نجوم اللحظة الراهنة.

أذكر تماماً ما حدث في الزبداني عندما شنت عصابات المرحلة الراهنة حملة اعتقالات طالت الناشطين من شباب ورجال المدينة، فما كان من نسائها المناضلات إلا أن نظموا واحدة من أضخم المظاهرات في المدينة، أفضت إلى إطلاق سراح أغلب المعتقلين، وليستِ الزبداني بنسائها المناضلات حالةً خاصة، فكثيرٌ من المدن السورية خاضت التجربة ذاتها، وهو شيءٌ لا يفاجئنا بطبيعة الحال.
تقول إحدى الناشطات ممن ينتمون إلى الهامـــــش: " بعد الثورة أصبح لنا أهمية كبيرة.. فبعد أن كانت حركتنا مقيدة، ومجال تحركنا مقتصر على الهتاف في المسيرات المؤيدة.. بتنا في ظل الثورة نشارك الثوار ثورتهم .. عملنا دوراتٍ تدريبيةً على إسعاف الجرحى، شاركنا في المظاهرات.. قاتلنا.. ومنـّا من استشهدت ومنّا من أصيبت.. حتى أنه في بعض الحالات كان وجودنا يشكل حمايةً للمتظاهرين " .
تُحاك تفاصيل الحكاية السورية على أيدي نساء ورجال، تغفلهم غالباً أقلام الكتاب وكاميرات الصحفيين، فاعلين في الحدث، يعملون غالباً بصمتٍ وهدوء، ولكن بهمّةٍ قلّ نظيرها، فهؤلاء هم من عقد العزم وحسم خياراته.. أولئك هم من تملّك وعيه السياسي – بخلاف رعيلٍ مثقف مازال يتعثر -  في ضرورة التغيير، وأقسم بأنْ "لا تراجُع" .
فالثورة ثورة شعب – كما يطيب لإحدى الحرائر أن تردد -  نحن سننال الحرية ، إرادة الشعب ستسقط النظام". وتستغرب من سؤالي: ماذا تريدون بالضبط ؟؟
وتصاب بالدهشة. نريد حرية – تقول - تعبنا من الفساد – شارحة مفهومها للحرية -  ومن الظلم الاجتماعي.. نريد المساواة بين الجميع ، كما الحرية للجميع .
للثوار المقهورين أيضاً بداهاتهم، والتي ينتجونها في سياق ممارستهم لفعلهم النضالي، وحريتهم باتت تندرج في سياق هذه البداهات،  فلا شيء أوضح مما يريده الثوار : حرية وعدالة اجتماعية ومساواة على كافة المستويات ، وأنا هنا أنقلُ ما أتاحته لي تجربتي المتواضعة مع أناس بات شرفاً لي أن أعلنَ انتمائي إليهم ، بوَجَعِهم وأحلامهم، بحكاياتهم وعزيمتهم التي لا تلين.
انتماءٌ إلى هامشٍ.. اتسع ليغطي تاريخاً لم يتسع فيما مضى سوى لأسياده ومن وضعوا نفسهم في مركز المتن.

إذ هنا يتجلى تاريخ المقموعين الحقيقي .

الأحد، 20 مايو 2012

المقالة الشاوية - ياسين الحاج صالح

لم يجد ضابط برتبة عميد في قوات حفظ النظام السورية ما يهدد به محتجين في دمشق على جرائم النظام الليبي بحق شعبه غير "إفلات" عناصره "الشوايا" عليهم. كان هذا مساء 23 شباط 2011. قبله بثلاثة أسابيع، وُجِّه تهديد مماثل، ربما من الضابط نفسه، إلى متضامنين مع الثورة المصرية حاولوا الوقوف قريبا من السفارة المصرية قبل سقوط مبارك. وقتها حذر الضابط المتضامنين بأن عناصره الشوايا سـ"يأكلونهم" إن هو "أفلتهم" عليهم.
"الشوايا" اسم قلما يتبناه المعنيون المفترضون به من سكان أرياف منطقة الجزيرة السورية، الرقة ودير الزور والحسكة، شمال شرق البلاد. وهم عرب مسلمون، موزعون على عشائر متنوعة، ويتمايزون عن البدو من جهة، وعن الحضر من سكان المدن من جهة ثانية. ولقد عرفت حتى أربعينات القرن العشرين صراعات عنيفة بين الشوايا المستقرين وبين البدو، كانت تسمى "حرب البدو والشوايا". كان الأخيرون فلاحين عموما ومربي مواشي. اليوم كثيرون منهم عمالة غير ماهرة، في البناء والزراعة خارج منطقتهم. 
ولقد كانت نظرة مدن الجزيرة بالذات، ودير الزور بخاصة، استعلائية حيال الشوايا. وكانت محنة للشاوي أن يزور المدينة حتى خمسينات القرن العشرين. كان هذا الوضع مشتركا بين سكان الأرياف في سورية حتى نحو نصف قرن تقريبا، لكن "الشوايا" هم المجموعة السكانية الوحيدة التي لا تزال تواجه بأحكام تبخيسية جدا في النطاق السوري العام، على نحو ما يفيد كلام الضابط. أما في مدن الجزيرة ذاتها، فالشوايا جزء كبيرة من سكانها اليوم. 
لم يأت من فراغ كلام سيادة الضابط الذي يضمر احتقارا شديدا للشوايا واعتبارهم وحوشا أو كلاب حراسة. الواقع أن منطقة الجزيرة هي الأقل نموا ً والأشد فقرا ً والأدنى تعليما ً في سورية. والزيادة السكانية فيها أعلى من غيرها. هذا بينما تعاني المنطقة من عوز متفاقم في مياه الري بسبب الاستثمار المفرط للمياه الجوفية، تولد هو ذاته عن التوسع الشديد في زراعة القطن بين ستينات القرن العشرين وتسعيناته. ولقد تسبب هذا الوضع المركب من إهمال حكومي وزيادة سكانية ونقص المياه، بخاصة في السنوات الأربعة الأخيرة، في نزوح ما يزيد على 300 ألف من سكان المنطقة إلى ضواحي المدن الأكبر، أو إلى لبنان. وهم حيث حلوا يشكلون عمالة متدنية المهارة، تتدبر أمرها بالكاد من أعمال رثة. ويقدر أن مليونا و300 ألف متضررون من موجة الجفاف التي تصيب المنطقة وسوريا ككل منذ أربع سنوات.
وبحكم هذا الوضع المزمن استبطن كثير من الشوايا مشاعر الدونية، وتقبلوا أنهم أقل شأنا ً من غيرهم، وما يقال عنهم من بدائية وخشونة. 
والواقع أن جانبا ً من مشكلة الجزيرة السورية يعود إلى التمثيلات المعرفية شبه الاستشراقية، الرائجة في أوساط سورية واسعة حيال سكان المنطقة. إنهم متخلفون، راضخون، عنيفون، جهلة، لا يعرفون كيف يعبرون عن أنفسهم، وفي المحصلة فإن مرتبتهم الإنسانية أدنى من غيرهم، الأمر الذي يبيح إساءة معاملتهم.
عن سكان الجزيرة، استطاع مهندس سوري أن يكتب قبل حين: "ولنكن صريحين، لسنا مستعدين لمنح أُناس غير حضاريين لا هم لهم إلا إنجاب من 8-15 ولد وأكثر مساعدات من أموالنا ما داموا لا يتصرفون بروح عاقلة ومنطقية وبطريقة حكيمة مع مقدراتهم، وهم السبب بفقر أنفسهم بسبب انعدام الحكمة وقيامهم بهدر أموالهم وثرواتهم في أعوام الخير على تفقيس وتفريخ الأولاد" (أمجد جاد الله، نشرة كلنا شركاء الإلكترونية، 30/11/2010). هذا الكلام العنصري النازع لإنسانية من يتكلم عليهم، لم يأت من فراغ بدوره. إنه مرتبط بمناخ فكري عام يزداد انتشارا في البلد مع لبرلة الاقتصاد المشوهة الجارية، كلام يُحمّل الفقراء مسؤولية فقرهم، ويعيد مشكلات البلاد إلى انغلاق أذهان الناس أو إلى كونهم غير متحضرين، أو إلى الزيادة السكانية وحدها. أكثر وأكثر يجري في سورية اليوم شحن الفوارق الطبقية بدلالات ثقافية، فتمسي من نوع الفوارق بين إقطاعيين وأقنان، أو أرستقراطيين وعوام. ويعفى من المسؤولية، بالمقابل، نمط ممارسة السلطة وصيغة إدارة وتوزيع الموارد الوطنية، وكذلك "المتحضرين" و"الحكماء" من أمثال الدعي كاتب النص المذكور، هذا الذي لا يريد أن يمنح أمواله لأناس غير حضاريين. الرجل المتحضر يكمل كلامه كالتالي: "فلا نريد أن تتحول أرضنا وبلادنا الجميلة لبلاد منكوبة بالفقر و الجموع التي لا عمل لها تنقلب لمجموعة من القتلة والهاملين على الطرقات والشحّادين على المفترقات". طبعا لا يخطر ببال هذا الفاشي الصغير أن فقر سكان المنطقة ليس شيئا طبيعيا ً، وأنه مرتبط بتقسيم عمل جهوي وبانحيازات إدارية وتنموية مضادة للريف والمناطق الأقل نموا ً، وبسياسات اقتصادية مفقرة. وأن "أمواله" تحصلت في ظل تركيب اقتصادي وسياسي تشغل فيه منطقة الجزيرة موقع العالم الثالث الداخلي للبلد العالم ثالثي الذي اسمه سورية. الأمر الذي يعني أنه شخصيا مستفيد من هذا الوضع الذي يتضرر منه الأشد فقرا ًمن سكان الجزيرة.
في واقع الأمر، قد تكون الجزيرة أغنى مناطق البلاد، بفضل النفط والقمح والقطن، وحتى بالماء (نهر الفرات وبحيرة سد الفرات). لكن تضافر مفاعيل المركزية السياسية والإدارية الشديدة، والتأخر التعليمي والاجتماعي للمنطقة، وتوجس متوارث من السلطات حيال سكانها العرب (مشتبه بولائهم للنظام العراقي السابق) والكرد ("انفصاليون")، ونظام نهب وإفقار عام، يتعامل مع الجزيرة تحديدا كمستعمرة داخلية، مستغلة ماديا ومحتقرة ثقافيا أكثر من غيرها في سورية، فوق كونها مضطهدة سياسية مثل غيرها في سورية، كل ذلك جعلها أشد مناطق البلاد فقراً وتدهورا ً. 

وليست تلك التمثيلات العنصرية نادرة. على الفيسبوك يجد المرء غير صفحة تنز استعلاء عنصريا حيال "الشوايا". منها للأسف صفحة لطلاب جامعيين، بعنوان: "مكافحة الشوايا في جامعة دمشق". ولها منشئ ومدير يبدو اسماهما حقيقيان. وهناك تعليقات تنضح بالتعالي والاحتقار، أسماء أصحابها تبدو حقيقية أيضا. هذا لأن كثيرين اعتادوا أن الشوايا لا شيء، ويمكن قول وفعل أي شيء بحقهم دون خجل وبحصانة معنوية وقانونية تامة. وهناك مجموعة أخرى بعنوان فاشي صريح: "معا للقضاء على الشوايا". ومجموعة ثالثة، صفحتها مغلقة دون غير الأعضاء، اسمها  يداً واحدة لجعل الزراعة خالية من الشوايا". ويبدو أن المقصود إخلاء حي الزراعة في مدينة اللاذقية من  ساكنين "شوايا". 


*يتبع 

الحكومات السورية ... واقع وأرقام

                 أسماء رؤساء الحكومات السورية منذ 1920 وحتى الاستقلال 1946



28 يوليو 1920
2 أغسطس 1920

6 سبتمبر 1920
30 نوفمبر 1920

ألغي المنصب (30 نوفمبر 1920 -26 يناير 1925(

26 يناير 1925
21 ديسمبر 1925


29 ديسمبر 1925
6 يناير 1926


شـــــــــــــــاغر (6 يناير 1926-27 أبريل 1926(

27 أبريل 1926
9 فبراير 1928


15 أبريل 1928
19 نوفمبر 1931


شــــــــــاغر (19 نوفمبر 1931-7 يوينو 1932(


7 يونيو 1932
16 مارس 1934


16 مارس 1934
22 فبراير 1936


22 فبراير 1936
21 ديسمبر 1936


21 ديسمبر 1936
18 فبراير 1939

23 فبراير 1939
13 مارس 1939

6 أبريل 1939
9 يوليو 1939


ألغي المنصــب (9 يوليو 1939-4 أبريل  1941)

4 أبريل 1941
21 سبتمبر 1941
21 سبتمبر 1941
19 أبريل 1942


19 أبريل 1942
10 يناير 1943


10 يناير 1943
25 مارس 1943



25 مارس 1943
17 أغسطس 1943


19 أغسطس 1943
14 اكتوبر 1944

14 اكتوبر 1944
1 اكتوبر 1945

1 اكتوبر 1945
17 أبريل 1946