الجمعة، 4 مايو 2012

علي البابنسي .. أول الغيث قطرة

" مين سمير ؟؟؟ "

جملة لطالما كان علي يرددها .. ربما لأنه كان معجبا ً بشخصية أبو ليلى في مسلسل أبو جانتي وربما لأ  ، ولكن أصدقائه كانوا يلقبونه بأبو حسين و أبو الفدى و أبو صدام و أبو بابنسي والذي كان يفضله شخصيا ً ، سمه ما شئت بالنهاية هو علي البابنسي ، أول شهيد مدني في الرقة .

كان علي  القشة التي قصمت ظهر البعير ، الرقة كانت على بركان خامد  ، علي وحدة استطاع أن يجمع ما يقارب ال300 ألف شخص في شارع واحد ، لم يرى علي الجموع التي خرجت في تشييعه ، ولكنني أكاد اجزم انه كان فرحا ًفي نعشه و الشباب يحملونه و يهتفون له " بالروح بالدم نفديك يا شهيد " .


أبصر علي البابنسي  النور في يوم الثلاثاء السابع والعشرين من شهر حزيران لعام خمسة و تسعين و تسعمائة و ألف  ، لطيف ٌ ،  محبوب ٌ ، مرح ٌ ، غير مبالي أبدا ٌ ، تلك كانت هي صفات الشاب الذي كُتبت له الشهادة بإذن الله ، درس في مدارس علي دهام و الفتاة العربية و دار السلام في الابتدائية و الإعدادية ، ومن ثم التحق بالثانوية التجارية  .
غرفته مطلة على المجمع الحكومي .. يستيقظ صباحا ً يفتح النافذة و إذ بصورة بشار الأسد والتي تعلو بناء المجمع مقابلة له .. مما ولد عنده رغبة في إزالتها بأي شكل من الأشكال ...

وكأنه يعرف انه شهيد ... ففي تمام الساعة الخامسة و النصف من يوم الخامس عشر من آذار لعام 2012 الذكرى الأولى للثورة عاد علي للبيت ، اغتسل ، لبس ثياب العيد ، قال " الله يأخذ هالشباب ، جبّنوا من رصاصتين .. ما عاد اطلع مظاهرات "، وخرج ، توجه نحو حديقة الرشيد ثم عاد سريعا ً للبيت ، لم يكن يحمل سكينا ً  ولا مسدسا ً  كان مسلحا ً  بالأمل ، و بالإيمان أن الثورة سوف تنتصر وان الله لن ينسى الشعب السوري ، هاتفه النقال و 150 ليرة هذا كل ما كان يحمل ، وقف أمام الباب ولم يدخل ، رآه الجميع ربما كان يريد أن يرى منزله آخر مرة ، عاد أدراجه نحو حديقة الرشيد و منها إلى الكنيسة حيث نال ما كان يتمنى  ، رصاصة أطلقها أحد " مسلحي " قوات الأمن استقرت أسفل القفص الصدري ، نقل إلى المستشفى على عجل ، حاول الأطباء إنقاذه ولكن دون جدوى وكان يردد " أريد الشهادة ، أريد الشهادة " ، عندها قرر والده اصطحابه إلى المنزل ليلفظ أنفاسه الأخيرة هناك ، قرأ آية لم يفهمها أحد ممن كانوا حوله و ردد " أشهد ألا اله إلا الله  وأن محمدا ً رسول الله " خمس مرات  .
قال علي ذات مرة ( الجنة بالذل لا أتمناها ......  وجهنم بالعز أتمناها )
وقال أيضا  ً : ( نحن أهل الرقة ما نهاب الموت ) 

أرقد في سلام يا علي ، فأنت منارة للأجيال القادمة ، أنت من كتبت بدمك تاريخ الرقة و تاريخ سوريا ، أنت مثال للشاب الذي ضحى بنفسه من أجل إعلاء المبادئ التي يؤمن بها  ، أنت قدوة لنا .. انتم السابقون و نحن اللاحقون .

ولكن لن  نلقاك في الحياة الأخرى ،في الجنة بإذن الله ،  إلا و أخبرناك أن دمك لم يذهب هباء .. وان قاتلك تم الاقتصاص منه .
و السؤال الذي يطرح نفسه الآن ... لماذا قـُـتل علي ..

 و مين سمير ؟؟؟؟



*مايكل العلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق