الجمعة، 4 مايو 2012

الحرية بين الفكر و السياســة



وجدت الحرية لأول مرة منذ أن وجد الإنسان في  هذه الحياة إلا أن  " الكبار العارفين "  كانوا يمنعون الناس من التفكير الذي هو أحد أهم دعائم الحرية .

نحن لم نسمع يوما ً قط أن إنسانا ً تقدّم للقتل راضيا ً أو كدّ نفسه حتى مات ، في سبيل أكلة شهية أو عقار يقتنيه ، و إنما سمعنا أن أناسا ً عديدين ماتوا من أجل الحرية التي آمنوا بها لم يقرها عليهم الناس أو الحكومة  .
فالحياة ودأبها التطور من أدنى إلى أعلى وتمثل الحرية قمة هذا التطور ، إلا أن الجمود هو طبيعة أساسية في المؤسسات الاجتماعية ، بينما التطور هو طبيعة هذه الحياة ، فإذا اتسعت الهوة بينهما ، عمدت الحياة إلى الخروج و الثورة و التحطيم .
لقد حطم الإنسان أول قيوده بالخروج على فكرة الطوطم أو المحرم دينيا ً ، وما لبث إلا أن ثار على جميع النظريات التي تفسر الكون بطبيعة دينية ، فكان سقراط أول من دعا إلى الحرية الفكرية  بقوله " ليس على الأرض إنسان يحق له أن يملي على الآخر ما يجب أن يؤمن به أو يحرمه من التفكير كما يهوى ".
ثم عادت سيطرة " الكبار " في العصور الوسطى باسم الدين حيث قاموا باضطهاد و قتل و إعدام كل من خرج و نادى بحرية الفكر .
فبرز في أوربا العديد من أحرار الفكر الذين كانوا ينادون بالشعوب " اسحقوا أهل الخزي ، اسحقوا أهل العار الذين يضطهدون الأحرار " وكان من أبرز من نادى بالحرية هو الفرنسي الشهير جان جاك روسو أو كما يسمى بـمشعل الثورة الفرنسية رمز الثورات العالمية الذي قال " إن مبدأ كل عمل هو إرادة حرة ، وليست كلمة الحرية هي التي لا معنى لها ، بل كلمة المستحيل " ؟
فاختلطت الحرية الفكرية بالحرية السياسية تحت سيادة مفهوم واحد هو حرية الإنسان العامة التي تكون قوية بقدر ما تطلع إلى الخير بمعناه العام ، فرأى معظم مفكروا ذلك العصر أن الإنسان عندما يتخلى عن حريته ، إنما يكون قد تنازل عن صفته كإنسان ، و الجمهورية هي الدولة التي تسود فيها القوانين ، وهذا القانون لا يكون حقيقيا ً إلا حينما تكون غايته المصلحة العمومية ، فالشعوب تستطيع ان تمتلك الحرية بإرادتها ولكنـها غير قادرة على بعثها ، فالحرية هي كما الشجرة لا تنبت في جميع المناخات ، لذلك من الصعب أن يحصل عليها الجميع ، ولكل فعل حر سببان : الأول أخلاقي وهو الإرادة التي تقرر الفعل وهذا يستدعي السلطة التشريعية و التي هي من حق الشعب ، وأما الثاني فهو القدرة على تنفيذه و هذا يستدعي السلطة التنفيذية ، والديمقراطية هي النظام الأمثل لحياة الحرية  ، فلو أن شعباً مؤلفا ً من الآلهة اختار نظام حكمه  لاختار الديمقراطية ، أما البشر فلا يلائمهم ذلك الحكم لكماله .
فالشعوب المستعبدة تميل التي إلى مديح السلام الذي تتمتع به في قيودها و تضحى بالراحة و الملذات في سبيل الحفاظ على هذه " الحرية المعبودة " ، لن تعرف بأن حرية الإنسان هي ثمرة لا قوى صراع بين الطبيعة و الإنسان ، الجسد و العقل ، الهمجي و القديس ، لكن كما يرى سارتر " بأن الاحتلال  حرر الإنسان من الشعور بالإثم لأن إنزال العقاب بالمذنب يخفف من الشعور بالذنب ، و إن الشعب لم يكن حرا ً في يوم من الأيام إلا في زمن احتلاله " ، فما على الشعب إلا أن يتشكل و ينتفض من جديد فإما أن يعيش خائنا ً أو يموت شريفا ً .  

ففــي جمهوريـــة الصمـــت ، الكــل صامـــت مـــاعـــدا الحريــــــــة  . . . 


*حلا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق