الأحد، 3 يونيو 2012

مصطفى الزنــّــــا ... الشهيد الرقيــق

" أكملوا درب الحرية إن لم يكن من أجلكم فليكن ذلك من أجل أولادكم وشهداءكم الذين سقطوا لإعلاء كلمة الحق  و  لا تيأسوا ولا تتوقفوا فالنصر لهذا الشعب العظيم آت لا محالة " .
كلمات كتبها مصطفى الزنا قبل يومين فقط من إطلاق أحد عناصر الأمن النار عليه، الرصاصة التي وضعته في مصافي شهدائنا الأبرار، يومها كان واقفا ً عند نزلة الساعة صارخا ً بالناس ( الله أكبر ) وهو يرى أمامه شابـا ً مصابا ً، وإذ بعنصر من الأمن وجه فوهة بندقيته تجاهه وأطلق النار ظنا ً منه أن ذلك سيردعه، فأصاب رجله ولكن مصطفى قام بالتكبير بصوت أعلى وزاد من حدة صوته وغضبه مما استفز ذلك المسلح فاطلق الرصاصــــة الثانيـــة التـــي استقـــرت فـــي رأســه .
كان ذلك يوم الجمعة السادس عشر من شهر آذار عام 2012 في أول يوم من أيام السنة الثانية لثورة الشعب السوري ضد حكم آل الأسد .
يوم شهد تشييع علي البابنسي أول شهيد مدني في الرقة،  مصطفى عبود الزنــّا أو أبو صطيف كما كان يحلو لرفاقه أن يسمونه هوالذي انزل علي في قبره وهو يردد ( لاحقينك لاحقينك  ) .
مصطفى شارك بفعالية في الاعتصام أمام منزل البابنسي فجر الجمعة، وكاد أن يلقى حتفه في تلك الليلة لو أن عنصر الأمن أطلق النار عليه ، عنصر الأمن هذا حاول تفريق الاعتصام لكن مصطفى وقف في وجهه صارخا ً أننا لسنا بذاهبين أطلق النار إذا أردت،  فملأ مخزن سلاحه بالذخيرة لكنه لم يطلق النار بسبب كثرة عدد الشباب في الاعتصام .
أتذكر آخر مرة ذهبت إلى مخزنه ، كان ذلك صيف العام الفائت، كانت الابتسامة لا تفارق وجهه حتى أنني الآن أتجنب قدر الإمكان المرور من أمام ذلك المخزن، وذلك لان صورته وهو موجود فيه لازالت راسخة في ذهني .
كان امتلاك بيت ومحل خاص حلم حياته وتمكن من تحقيق ذلك ،إلا أن أحلامه لم تقف عند ذلك الحد وكانت تكبر يوما ً بعد يوم  فأصبح يحلم بإسقاط نظام الظلم والاستبداد .
مصطفى الشهم ، الحنون ، طيب القلب ، شهامته بالذات كانت السبب الرئيسي لمشاركته في الثورة ، لأنه لم يكن ليتصور نفسه جالسا ً في بيته و أخوانه في درعا و إدلب وحمص يقتلون ، شارك في الثورة منذ بدايتها إلا إنه كان يخفي ذلك عن عائلته وزوجته التي لطالما كانت تؤنبه لخروجه في المظاهرات فكان يرد عليها بقوله ( اللي يموت مو أحسن مني ) وعمد الى تفصيل علم للثورة على مقاسه ليلفّ به في حالة استشهاده  .
رزق مصطفى بثلاثة أولاد عبد الله 5 سنوات ورفيف 3 سنوات وحمزة 9 أشهر، حمزة الطفل كانت له قصة خاصة فلقد كان من المقرر له أن يسمى بـ( زين )، ولكن بعد استشهاد حمزة الخطيب على يد قوات الأمن بعد تعذيبه،  قرر مصطفى أن يسمي مولوده الجديد باسمه كي لا ينسى دم هذا الطفل أبدا ً، كما انه رفض أن يحتفل بميلاد ابنه حمزة لأنه كان يعتقد أن السوريين يجب أن يكونوا قلبا ً واحدا ً نابضا ً من أجل إسقاط النظام.

ولد مصطفى في السادس والعشرين من شهر كانون الأول عام 1981 ، نال الشهادة في السادس عشر من شهر آذار هو ومجموعة من رفاقه ، ارتقى ليكون سفيرا ً لأهله ولبلده في الجنة وليكون شاهدا ً على جرائم نظام الأسد وليحاسب المجرمين ، وكانت آخر كلماتـــــــه ( مبارك لكل من سيحضر الاحتفال عند سقوط الطاغية المجرم الذي سيحاسبه أمثالي يوم القيامة ) . 


*مايكل العلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق